Admin المـديـر العـــام
عدد المساهمات : 209 نقاط : 531 تاريخ التسجيل : 15/09/2011
| موضوع: حكايات الماضي والحاضر (الجزء الثالث) .. حكاية ماسح الأحذية " sciuscià " ! الجمعة سبتمبر 16, 2011 3:28 am | |
|
حكايات الماضي والحاضر .. هي حكايات حدثت في الماضي ولا يزال أثرها باقٍ حتى الآن .. هي حكايات مرّ عليها زمنٌ طويل لكنها منذ بدأت لا تنتهي .. هي حكايات لا تموت وإن فارق الحياة الكثير من أبطالها .. هي حكايات من أرض الواقع وليست من نسج الخيال .. هي حكايات بدأت هناك في أيطاليا ومع تقاليد عريقة كهذه ظلّت دائماً محتفظة بكل أسرارها تماماً كما هي بطولة تدعى الكالتشو !!
لأن كل شئ في ايطاليا يصلح لأن يكون حكاية لوحده ! فهناك تكثر الحكايات بكل صخبها وشغفها وبكل ذلك الإرث الكروي العريق الممتد لسنوات طويلة ورسم تاريخياً حافلاً لكرة القدم الأيطاليه .. ولكن مهما تكثر الحكايات فأنه لا يمكن استثناء أحدٍ من دورٍ فيها ! فالجميع هنالك في ايطاليا يكتب ويقرأ تلك الحكايات .. الجميع هو الكاتب والبطل والمخرج في ذات الوقت وإلا فإننا لن نكون نتحدث عن حكاياتٍ ايطالية !
سنعود للماضي لنقرأ الحاضر .. ذلك الماضي كان مليئاً بتقاليد بلدٍ عشق الحكاية وليست أي حكاية هي كرة القدم في ايطاليا .. هي حكاية حياة قبل أن تكون حكاية لعبة ! نريد فقط أن نعود للماضي لنسرد بعض تلك الحكايات ونرى أثرها في الحاضر بعد تلك السنوات .. نريد أن نرى كيف بدأت وكيف هي الآن ! وسيكون لنا – بأذن الله – موعد شهري مع حكايات الماضي والحاضر !
حكاية ماسح الأحذية " sciuscià " !
حكاية ماسح الأحذية " sciuscià " هي حكاية من وحي السينما الايطالية وكرة القدم الايطالية في ذات الوقت ! لأن أحد كلاسيكيات السينما الايطالية وهو الفيلم الشهير sciuscià والتي تعني " ماسح الأحذية " .. أصبح لقباً لواحد من المع نجوم الأنتر والكرة الايطالية في التسعينات .. كان ذلك عندما قرر ذلك اللاعب أن يتقمّص شخصية ماسح الأحذية تعبيراً عن فرحته بأحد أهداف فريقه .. لتصبح تلك الحركة حكاية أخرى من حكايات كرة القدم الايطالية !
فيلم " sciuscià " ماسح الأحذية يبقى أحد أفضل ما قدمت السينما الايطالية في تاريخها عبر المخرج الايطالي الراحل الشهير " فيتوريو دي سيكا " الذي قدّم فيلم " sciuscià " ماسح الأحذية عام 1946 .. هذا الفيلم الذي عمّر طويلاً في ذاكرة الايطاليين والذي كان يجسد مأساة العديد من الأطفال الأيتام في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية في ايطاليا .. والذين كانوا ينتظرون العساكر على الطرقات لتلميع أحذيتهم مقابل نقود قليلة !
كان ذلك الفيلم يروي حكاية الأخوين الصغيرين باسكوالي وجوزيبي .. وهما يتيمين الأب وكانا يعملان في مسح الأحذية لإعالة والدتهما المريضة .. لكنهما ما لبثنا أن دخلا السجن بعد أن التقيا بعرّافة قادتهما للسرقة ليشتريا حصان كانا يحلمان بامتلاكه .. وفي السجن تعرف الصبيان على أشخاص ساعداهما على الفرار من السجن .. لكن النهاية تكون مأساوية عندما يموت الشقيق الأصغر بعد ملاحقة الشرطة لهما بعد الهرب !
ومن وحي فيلم " sciuscià " ماسح الأحذية قدّمت كرة القدم الأيطالية عملاً لا يقل أهمية وروعة عبر " ماسح الأحذية " النجم الايطالي السابق فرانشيسكو موريرو الذي أعاد قصة ماسح الأحذية عندما قام بحركة مسح حذاء الظاهرة رونالدو ! كان ذلك في نهائي كأس الاتحاد الأوروبي عام 98 في المباراة التي جمعت الأنتر ولاتسيو وأنتهت بفوز كبير للأنتر على لاتسيو بثلاثية نظيفة في منتهى الروعة !
فعندما سجل الظاهرة رونالدو الهدف الثالث للانتر بعد مراوغة ساحرة للحارس الايطالي الكبير ماركجياني .. تلك المراوغة التي كانت تسحر الملايين وألقت بماركجياني على الأرض أعجبت زميل رونالدو في الأنتر النجم الأيطالي فرانشيسكو موريرو الذي أسرع نحو رونالدو وجلس على ركبته وطلب من رونالدو أن يضع قدمه على ركبته .. ثم قام موريرو بحركة ماسح الأحذية لحذاء الظاهرة رونالدو !
أصبحت تلك الحركة ذات شهرة كبيرة .. وأصبح موريرو يفعلها كلما سجل الظاهرة أهدافاً .. وكذلك أصبح زملاء موريرو في الأنتر يفعلوها له كلما سجّل مويرور أيضاً أهدافاً .. كان ذلك الفريق أحد أفضل الفرق التي مثّلت الأنتر عبر تاريخه .. مع نجوم من قيمة رونالدو وزامورانو وجوركاييف وزانيتي وريكوبا وسيميوني وتاريبو وست وباليوكا .. وكذلك بالطبع فرانشيسكو موريرو !
وبعد أن شاهد الراحل فاكيتي تلك الحركة أطلق على موريرو لقب " sciuscià " ماسح الأحذية وقال أن موريرو عاد ليذكرنا بفيلم sciuscià " ماسح الأحذية " عندما قام بتلك الحركة .. ولكن هذه المرّة عند الفرح بتسجيل الأهداف وليس على جنبات الطرق في روما ونابولي .. هذة المرّة هي حركة للاحتفال في المباريات وليس عملاً شاقاً ومهيناً على الطرقات ,, وإن كانت الدراما حاضرة في كلتا الحالتين !
أصبح موريرو يلقب بـِ " sciuscià " ماسح الأحذية بعد أن لقّبه به الراحل فاكيتي وأصبح هذا اللقب ملتصقاً به حتى الأن ! وأصبحت تلك الحركة ذات شهرة عالمية وأصبح اللاعبون يفعلونها كثيراً وفي مختلف البطولات .. فعند الأحتفال بالأهداف أذا جلس لاعب على ركبته كان المشاهدون يعرفون أنه سيقوم بحركة تلميع الحذاء لزميله وذلك من شدّة الفرحة بالهدف وكذلك كناية عن علو كعب مسجل الهدف !
كان موريرو لاعباً بارعاً على اليمين وكان يعُرف بتمريراته ورفعاته الدقيقة .. كان سريعاً وماهراً وقوياً .. وكان كذلك مبدعاً في ألعاب الهواء وسجل الكثير من الأهداف بحركات مقصية رائعة لا زالت عالقة في أذهان مشجعي الأنتر حتى الأن ! فلم يكن موريرو فقط مميزاً بحركة " sciuscià " ماسح الأحذية فقط .. بل كان نجماً كبيراً شق طريقه للمنتخب الايطالي بعد إبداعه مع فريقه الأنتر !
كان صديقاً مٌقرباً للظاهرة وكان لا ينفك عن أبداء الإعجاب بمهارات الساحر البرازيلي .. لذلك فأنه قال أنه عندما شاهد الأداء الرائع لرونالدو خطر في باله أن يحتفل بتلك الطريقة .. رغم أنه قام بها كذلك لنجم الاوروغواي الشهير الفارو ريكوبا في الدوري ضد بريشيا وقيل أنها سبقت حركة رونالدو ! لكن حركة مسح الحذاء لرونالدو كانت الأشهر لأنها كانت في مناسبة كبيرة في نهائي كأس الاتحاد الأوروبي وأمام ملايين المشاهدين حول العالم !
لكن موريرو وبعد ثلاث سنوات رائعة مع الأنتر الذي كان يضم أسماء كبيرة كان يصعب على موريرو منافستها وبعد أن لعب للإنتر 56 مباراة وسجل 6 أهداف .. غادر الى نابولي لكنه لم يستمر معه طويلاً بسبب الاصابة لأنه أضطر وفي عمر الواحد والثلاثين من عمره فقط على اعتزال كرة القدم التي بدأها مع فريق مدينته ليتشي ومنه الى كالياري لكن شهرته كانت مع فريق العاصمة روما الذي لعب له ثلاث سنوات قبل أن يمر بالانتر وينهي مسيرته في نابولي !
ولكن بعد أن أنتهى مشواره الرائع مع عالم كرة القدم .. واذ بماسح الأحذية يدخل عالم الجريمة عندما تم وضعه تحت الإقامة الجبرية بسبب الاتجار غير المشروع بالسيارات الفاخرة ! لكنه وكالعادة في ايطاليا قال بأنه بريء وأنه لم يكن يعلم بالممارسات الخاطئة للشركة التي كان يعمل بها ! وعندها قرر أن يترك عالم التجارة ويعود لكرة القدم من جديد لذلك حصل على رخصة في التدريب !
ولكن المشاكل لم تفارقه أبداً فمن جلسات المحاكم الى مشاكل مع زوجته إميليا التي انفصلت عنه .. لذلك عاش ماسح الأحذية أوقاتاً عصيبة ولم يجد من يقف بجانبه ولم يجد عملاً مناسباً في ايطاليا فقرر أن يترك أيطاليا وأن يذهب لبلدٍ أخر عله يجد فيه ما فقده في بلاده .. وأستطاع عبر أصدقاء له ومدراء أعمال من الحصول على عقد في أفريقيا ليصبح مدرباً لفريق افريكا سبورتس العاجي !
لكن تجربته لم تستمر طويلاً مع الفريق العاجي لأنه ببساطة لا يتحدث اللغة الفرنسية هكذا قالوا له عندما أرادوا إنهاء التعاقد معه .. لذلك عاد ماسح الأحذية أدراجه إلى ايطاليا من جديد مجبراً بعد عانى كثيراً في القارة السمراء .. عاد ولم يكن أمامه سوى أن يكون مدرباً من جديد لأن كرة القدم هي الشئ الوحيد الذي كان يسعف موريرو دائماً .. لذلك بدأ في البحث عن فرصة لتدريب أحد الأندية مهما كانت الدرجة التي يلعب بها !
وفي ايطاليا درب موريرو فرق لانسيانو وكروتوني وفروزينوني وغروسيتو في الدرجات الدنيا .. لكنه لم يمكث مع أياً منها أكثر من موسم واحد فقط ! لذلك لا يمكن وصف أياً من هذه التجارب بأنها ناجحة ! وهو حالياً عاطل عن العمل بعد أن رفض مدرب فريق ليتشي السيد دي كانيو أن ينضم موريرو للطاقم الفني في فريق ليتشي عندما عرض عليه رئيس النادي سيميراو ذلك !
ورغم احلام موريرو بتدريب روما أو نابولي .. الا أنه من الواضح أنه لم ينجح في عالم التدريب لأنه حاول فقط تقليد المدرب الايطالي الشهير كارلو مازون والذي كان مدربه في كالياري وروما ويعتبره موريرو الأب الروحي له .. ولكن ذلك وحده ليس كافياً بالطبع ! الا أن موريرو سيبقى يعيش على ذكرياته الرائعة عندما كان لاعباً كبيراً ليستطيع الحصول على وظيفة في أحد الأندية ليعيش منها !
وتبقى حكاية " sciuscià " ماسح الأحذية هي أجمل ذكريات موريرو في عالم كرة القدم ومن المستحيل أن ينساها الجميع في ايطاليا حتى لو نسوا موريرو نفسه ! لأن تلك الحركة الاحتفالية أجتاحت العالم حتى وإن كان الكثيرون لا يعرفون أسمها أو من هو صاحبها ! فالايطاليون فقط أن يعرفون أنها " sciuscià " موريرو .. بينما باقي العالم يسمونها حركة " shoe shine " ولكن يجب ان يعرف الجميع أنها " sciuscià " موريرو !
حكاية " sciuscià " ماسح الأحذية هي حكاية احتفالية بدأت من ايطاليا في عام 1998 وستبقى مستمرة طالما هناك من يحتفل بالأهداف في كرة القدم ! حكاية " sciuscià " ماسح الأحذية هي حكاية ايطالية بحته ونابعة من تراث كرة القدم الأيطالية ,, وفي تراث كرة القدم الأيطالية أجمل وأروع الحكايات .. فـ الى لقاءٍ قريب مع حكاية أخرى من حكايات الماضي والحاضر !!
ولكل من تواجد بين حروفي ... حبي وتحياتي وتقديري
| |
|